هل يشهد سوق العقارات في دبي موجة تصحيح سعري قريباً..جدل بين الخبراء حول المرحلة المقبلة

يشهد القطاع العقاري في الإمارات، خصوصاً في دبي، حالة من الجدل بين الخبراء والمستثمرين بشأن احتمالية دخول السوق في مرحلة “تصحيح سعري” طفيف، مع تباين واضح في الآراء حول ما إذا كانت هذه الخطوة وشيكة أم مستبعدة في الأمد القريب.

فمن جهة، يرى بعض المطورين والوسطاء العقاريين أن السوق وصلت إلى ذروة الأسعار، ما قد يهيئ الأرضية لمرحلة تصحيح انتقائية في بعض المناطق، مؤكدين أن هذه الخطوة ستكون صحية وتدعم الاستدامة، وتتيح دخول شرائح جديدة من المستثمرين، خصوصاً مع وجود تسهيلات وعروض تحفيزية من بعض المطورين.

وفي المقابل، يستبعد خبراء آخرون حدوث أي هبوط فعلي في الأسعار خلال الفترة الحالية، مستندين إلى عوامل متعددة تدفع السوق نحو الاستقرار أو حتى مزيد من الارتفاع، أبرزها الطلب القوي، والتوسع في المشروعات، وزيادة عدد السكان والسياح، فضلاً عن جاذبية الدولة كوجهة آمنة ومثالية للعمل والاستثمار.

سوق العقارات بين احتمالات التصحيح والطلب القوي

يرى عدد من المختصين أن أسعار البيع والإيجارات اقتربت من ذروتها، خاصة في بعض المناطق التي شهدت قفزات متتالية، ما يجعل التصحيح أمراً منطقياً لإعادة التوازن. ويؤكد هؤلاء أن التصحيح لا يعني التراجع السلبي، بل يعكس مرونة السوق وقدرتها على استيعاب المتغيرات، خصوصاً في ظل خطط تسليم آلاف الوحدات الجديدة في عامي 2025 و2026.

في هذا السياق، توقعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن تسجل السوق العقارية في الإمارات انخفاضاً تدريجياً في الأسعار بنسبة تصل إلى 10-15% خلال النصف الثاني من 2025 وحتى 2026، نتيجة ارتفاع العرض بشكل كبير بعد نمو الأسعار بنسبة 60% منذ عام 2022.

وجهات نظر تؤكد استبعاد التصحيح القريب

على الجانب الآخر، يقلل العديد من المطورين من أهمية هذه التوقعات، مؤكدين أن الطلب القوي في دبي لا يزال يدفع السوق نحو مزيد من النمو. ويشير محمد المطوع، رئيس مجلس إدارة “شركة الوليد العقارية”، إلى أن وتيرة المبيعات في السوق تشهد نمواً مستمراً مدفوعاً بطرح مشروعات جديدة وتوسع قاعدة المستثمرين، ما يقلل من احتمالية حدوث أي تراجع في الأسعار.

أما وليد الزرعوني، رئيس مجلس إدارة “دبليو كابيتال”، فيرى أن التباين في أداء سوق الإيجارات سيعتمد على المنطقة ونوع العقار، مع استمرار النمو في المناطق ذات الإطلالات المميزة، مقابل تراجع محتمل في أماكن أخرى بفعل وفرة المعروض.

تفاؤل مشروط بتوازن السوق

في تحليله للسوق، أوضح محمد شعث، الرئيس التنفيذي لـ”بروبوينت العقارية”، أن دبي لا تزال تحتفظ بجاذبيتها العالية كمركز عالمي للاستثمار العقاري، لكن دخول مشروعات جديدة قد يؤدي إلى تصحيح إيجابي خاصة في مناطق مثل “قرية جميرا الدائرية” و”دبي مارينا”، متوقعاً أن تشهد بعض مناطق الطلب المرتفع زيادة في الأسعار بنسبة 5% إلى 10% بنهاية 2025.

من جانبه، أكد رعد رمضان، مدير عام “عوض قرقاش للعقارات”، أن عمليات التصحيح إن حدثت ستكون جزئية ومحدودة، وستمثل فرصة لشرائح جديدة من المستثمرين للانتقال من التأجير إلى التملك.

توقعات بالاستقرار وهدوء في الإيجارات

من جهته، رجح جلال البني، المدير العام لـ”الخبير العقارية”، حدوث نوع من التهدئة في معدلات الزيادة بالإيجارات خلال الفترة المقبلة، لاسيما مع قرب تسليم أكثر من 72 ألف وحدة سكنية جديدة خلال 2025. وأكد أن تطبيق مؤشرات ذكية لتحديد الإيجارات يعزز الشفافية والتوازن في السوق.

سوق العقارات في أبوظبي: طلب متزايد واستقرار ملحوظ

أما في أبوظبي، فيؤكد أحمد صلاح ربيع، مدير “بلاتينيوم هوم للعقارات”، أن السوق تشهد نمواً ملحوظاً واستقراراً في الأسعار، مستبعداً حدوث أي تراجع مؤثر، خصوصاً في ظل الطلب المرتفع وتزايد الاهتمام من المستثمرين المحليين والدوليين.

آراء تستبعد أي تصحيح حاد

وفي قراءة واقعية للسوق، يوضح نادر حسن، الرئيس التنفيذي لـ”سكاي لاين”، أن أي تراجع سيكون انتقائياً ومحدوداً، وفي مناطق بعينها فقط، نتيجة الفروقات بين المباني القديمة والجديدة، مشيراً إلى أن بعض الملاك يفضلون تقديم مزايا تحفيزية بدلاً من خفض الأسعار، مثل منح أشهر مجانية أو تثبيت الإيجار.

من جانبه، استبعد إكرامي حماد، رئيس مجلس إدارة “فيوتشر 23 العقارية”، حدوث تصحيح سعري حقيقي، معتبراً أن الأسعار الحالية منطقية وتعكس واقع الطلب المرتفع والمستمر من المستثمرين.

تصحيح انتقائي محتمل في بعض المناطق

وفي ختام الآراء، أشار الخبير سفيان السلامات إلى أن بعض المناطق التي شهدت ارتفاعات مبالغ فيها قد تشهد تصحيحاً انتقائياً، مؤكداً أن هذا التوجه يعزز مرونة السوق ويزيد من قدرتها على استقطاب شرائح أوسع من المستثمرين والمقيمين.