اخبار الامارات

فستان زفاف من ذاكرة وطن.. شيخة الغيثي تحاكي ثوب “أم الشيوخ” برسالة وفاء وأناقة تراثية

في مشهد فني ينبض بالوفاء لجذور التراث الإماراتي، أبدعت المصممة الإماراتية شيخة الغيثي فستان زفاف استثنائي مستوحى من صورة نادرة تعود لعام 1971، تظهر فيها سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي طفلة ترتدي ثوباً تقليدياً. هذه الصورة لم تكن مجرد لقطة عابرة، بل تحوّلت إلى مصدر إلهام عميق لفستان زفاف حمل رسالة حب واعتزاز بماضٍ مجيد.

إعادة تخيل الماضي برؤية الحاضر

لم يكن الفستان المعروض في النسخة الـ29 من مبادرة “زفة حراير” مجرد تصميم تقليدي، بل قطعة فنية أعادت بناء الذكريات بلغة عصرية. وقالت الغيثي في حديثها لـ«الإمارات اليوم» إن العمل على هذا التصميم تطلّب بحثاً دقيقاً ومكثفاً للوصول إلى قماش يقترب في لونه ونسيجه من الثوب الأصلي بنسبة تقارب 70%. التحدي الأهم تمثّل في الحفاظ على بساطة الروح التراثية للفستان، مع إضافة لمسة فخامة تناسب طبيعة فستان الزفاف.

أناقة “السهل الممتنع”

اعتمد التصميم على الكريستالات لإضفاء لمسة بصرية فاخرة دون مبالغة في التفاصيل، بما يتوافق مع أسلوب “السهل الممتنع” الذي اختارته الغيثي في تنفيذ هذا العمل. ولم تتوقف المحاكاة عند الفستان، بل امتدت لتشمل “المدخن” الظاهر في الصورة التاريخية، والذي أعاد المصمم الإماراتي خليفة الفلاسي تصنيعه بدقة بالغة باستخدام الجلد الطبيعي، ليجسد ملامح الحرفية الإماراتية الأصيلة.

لحظة فارقة في “زفة حراير”

تصف شيخة الغيثي ظهور العروس بالفستان خلال فعالية “زفة حراير” باللحظة الفريدة التي فاجأت الحضور. فرغم مشاركاتها المتكررة في النسخ السابقة ذات الطابع التراثي، إلا أن هذه الدورة جاءت بطابع عصري مختلف، ما جعل الفستان بمثابة مفاجأة أنيقة أعادت الذاكرة إلى لحظة التقاء الماضي بالحاضر في أبهى صورة.

من دبي إلى الكويت.. حضور لافت للتراث

لم تقتصر مشاركة الغيثي على دبي، بل امتدت إلى الكويت ضمن فعاليات “ليالي الإمارات الثقافية”، حيث قدمت صورة غنية عن التراث الإماراتي بحرفية نالت إعجاب الحضور، مؤكدة بذلك مكانتها كمصممة تسعى إلى صون الجمال التراثي وتقديمه للعالم برؤية متجددة.

شغف مستمر منذ 2008

منذ انطلاقتها عام 2008، سلكت الغيثي طريق تحديث الثوب الإماراتي دون الإخلال بروحه الأصيلة، خصوصاً في الأعراس الجماعية التي اعتادت المشاركة فيها. واعتبرت أن المحافظة على عناصر مثل “التلي”، و”الخوص”، و”النقدة الفضة”، والقَصات التقليدية يتطلب دقة عالية وإتقاناً لا يقبل التساهل.

تحديات التصميم التراثي

تقول الغيثي إن أبرز التحديات التي تواجهها اليوم هي قلة توفر الأقمشة التراثية الجيدة، مما يصعب مهمة الجمع بين الجودة والأصالة والابتكار في آن واحد. لكنها تؤمن أن الحفاظ على هوية التصميم لا يتعارض مع التطوير، بل يشكّل معادلة يمكن تحقيقها بالإبداع والالتزام.

من المحلية إلى العالمية

رغم طموحها للوصول بتصاميمها إلى العالمية، ترى شيخة الغيثي أن الانطلاقة الحقيقية تبدأ من الوطن، ومن بصمة متفرّدة تترك أثراً لا يُمحى. وتؤمن بأن ما يبقى من المصمم ليس فقط الشكل، بل القيمة الفكرية والرسالة التي يقدمها عبر أعماله.

نصيحة للمصممات الشابات

وجهت الغيثي رسالة للمواهب الإماراتية الناشئة في مجال التصميم قائلة: “لا تتعجلن النجاح، فالإصرار وجودة العمل هما أساس التميز. ابحثن عن هويتكن واصنعن بصمتكن الخاصة، فحتى إن تشابهت الأنماط، فإن فرادة الروح لا يمكن تكرارها.”

هوية لا تبهت.. بل تلمع

وأشارت الغيثي إلى تزايد وعي الجيل الجديد بأهمية الظهور باللباس التقليدي، خاصة في المناسبات الخاصة، موضحة أن كثيراً من الفتيات اليوم يخترن أزياءً تحاكي إطلالات الجدات، إدراكاً منهن أن الجمال لا يتعارض مع التراث، بل يستمد منه وهجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى