
دراسة تحذر: تعريض الرضع للشاشات يؤثر في نمو الدماغ
تابعت دراسة جديدة مجموعة من الأطفال لأكثر من عقدٍ، وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين تعرضوا لوقت شاشة مرتفع قبل سن الثانية يظهرون تغيّرات في نمو الدماغ ترتبط ببطء اتخاذ القرار وزيادة القلق في سنوات المراهقة.
أظهرت دراسة منشورة عبر Medical Xpress أن الباحثين تتبعوا 168 طفلاً، مع فحوصات دماغ في ثلاث مراحل عمرية هي 4.5 و6 و7.5 سنوات، لتتبّع مساراً بيولوجياً يربط بين التعرض للشاشات في الرضاعة والصحة النفسية في المراهقة.
ترتكز الدراسة على مرحلة الرضاعة، وهي الفترة التي يكون فيها نمو الدماغ أسرع وأكثر حساسية للتأثيرات البيئية، كما أن كمية ونوع التعرض للشاشات في هذه المرحلة تتحدد إلى حد كبير بوعي الوالدين ومقدمي الرعاية وأساليب التربية.
تابع الباحثون 168 طفلاً وأجروا فحوصات الدماغ في ثلاث مراحل عمرية (4.5 و6 و7.5 سنوات)، ما سمح بتتبّع تطور شبكات الدماغ مع مرور الزمن بدلاً من الاعتماد على لقطة واحدة.
أظهر الأطفال الذين قضوا وقتاً أطول أمام الشاشات في الطفولة المبكرة نمواً سريعاً في الشبكات المسؤولة عن المعالجة البصرية والتحكم الإدراكي، ويرجّح أن ذلك ناتج عن التحفيز الحسي المكثف الذي توفره الشاشات.
تبيّن أن الآثار لم تظهر عند الأطفال في عمر الثلاث والأربعة سنوات بنفس الشكل، ما يعزز أهمية فترة الرضاعة.
أوضح الدكتور هوانغ باي أن النضج المتسارع يجعل بعض الشبكات تتخصص بسرعة كبيرة غالباً استجابةً للصعوبات أو محفزات التطور، فتتخصص شبكات الرؤية والإدراك بشكل أسرع قبل تطوير الروابط اللازمة للتفكير المعقد، مما قد يقلل من المرونة والقدرة على التكيف لاحقاً.
تبين أن هذا التخصص المبكر جاء بثمن إذ استغرق الأطفال الذين ظهرت لديهم هذه الشبكات الدماغية وقتاً أطول لاتخاذ القرارات خلال مهمة معرفية في سن 8.5 سنوات، وفي المقابل أبلغ من يعانون من بطء اتخاذ القرارات عن أعراض قلق أعلى في سن 13.
تشير النتائج إلى أن التعرض للشاشات في مرحلة الرضاعة قد يترك آثاراً تمتد إلى ما بعد الطفولة المبكرة وتؤثر في نمو الدماغ والسلوك لسنوات لاحقة.
كيف تقلل القراءة بين الوالدين والطفل من تأثير وقت الشاشة؟
وجدت دراسة مرتبطة نشرت في مجلة الطب النفسي عام 2024 أن وقت استخدام الشاشات لدى الرضع يرتبط أيضاً بتغيرات في شبكات الدماغ التي تتحكم في التنظيم العاطفي، لكن القراءة بين الوالدين والطفل يمكن أن تعوّض بعض هذه التغيرات.
أظهرت الدراسات أن العلاقة بين وقت استخدام الشاشات في سن الثالثة لدى الأطفال الذين يقرأ لهم آباؤهم باستمرار وتغيرات نمو الدماغ تضاءلت بشكل ملحوظ.
وتبيّن أن القراءة المشتركة توفر تجربة تفاعلية غنية تفتقدها مشاهدة الشاشات، بما في ذلك التفاعل المتبادل والتعرض للغة والتواصل العاطفي.
ويشير الباحثون إلى أن هذه القراءة تقدم تفسيراً بيولوجياً لأهمية الحد من وقت الشاشات في أول سنتين وتؤكد أهمية مشاركة الوالدين، كما أن الأنشطة مثل القراءة معاً يمكن أن تحدث فرقاً حقيقياً.